<!–[if gte mso 9]> Normal 0 false false false MicrosoftInternetExplorer4 <![endif]–><!–[if gte mso 9]> <![endif]–>
الطبيبة التي تحولت لدجّالة
بقلم : مريم عبدالله النعيمي
كاتبة وباحثة إماراتية
تعد مهنة الطب من أشرف المهن ومن أكثرها فائدة للإنسان ويفترض ممن يمتهنها أن يكون قد وصل بإنسانيته إلى أرقى المستويات ووصل بشعوره المتعاطف إلى مستوى رفيع كيف لا وهو يعالج المرضى ويرسم البسمة على شفاه المتعبين؟
هذه الصورة المثالية الرائعة لمن يمتهن مهنة الطب لم تعد لدى عدد من أطباء العرب تدل على معنى كبير أو صغير في حسهم ووجدانهم بل غابت معالمها عنهم ، وتشتتت خطوطها ، ولم يعد ثمة فاصل لديهم ما بين التعاطف الحقيقي ، وتوهم تقديم المساعدة الطبية !!
قبل كتابة هذا المقال بأربع وعشرين ساعة فقط شاءت الأقدار أن أمر بتجربة غير سارة مع طبيبة نسائية تعد في الإمارة التي تعمل بها الثانية أو الثالثة على قائمة أكثر الطبيبات النسائيات تفضيلا لدى النساء في الإمارات الشمالية.
كانت آخر مرة زرت فيها تلك العيادة قبل حوالي عشر سنوات مما يجعل تفاصيل كثيرة حول وصف المكان تغيب جزئيا عن الذاكرة .
كنت قد اصطحبت معي ابنتي لاستشارة في مسألة طبية عارضة ، وما إن وطئت أقدامنا المكان حتى شعرنا بان هناك تقصيرا في مظهر العيادة رغم أن هذه الطبيبة لها دخل جيد ، وهي تمارس المهنة هنا في الإمارات منذ قرابة ثلاثين عاما !!
عمر طويل قضته هذه الطبيبة النسائية في العمل في عيادتها الخاصة التي أكسبتها مبالغ طائلة لا شك فيها ومع ذلك أصرت هذه الطبيبة أن تجعل عيادتها نموذجا للعيادات في الدول المتخلفة التي لا تعرف أسس وأبجديات الرعاية الطبية الصحيحة
من ذلك أن سيادتها لم تكلف نفسها توفير قفازات تلبسها وقت الكشف الطبي لمنع انتقال أي بكتيريا أو جراثيم منها للمريضة أو العكس فالطبيبة المبجلة تكشف على مريضاتها دون قفازات بل الأسوا من ذلك أنها لا تغسل يديها بعد المعانية والكشف بل تقوم وتتابع عملها وكأن شيئا لم يكن !!
هذه الطبيبة المنتفخة الجيوب من نقود المريضات قرابة ثلاثة عقود لم تكلف جيبها الثقيل عناء توظيف موظفة استقبال للرد على الهاتف واستلام أجرة الكشف بل هي كل شيء في العيادة ، إنها الطبيبة وموظفة الاستقبال وهي نفسها التي تقبض أجرة الكشف كما أنها هي من يرد على الهاتف لتحديد المواعيد
هي تقوم بعمل ثلاث أو أربع موظفات على الأقل والسبب التوفير في النفقات والحفاظ على اكبر قدر من الدراهم في رصيدها الثقيل!!
هاتف عيادتها لا يكف عن الرنين فكثير من السيدات هن بحاجة لمتابعة طبية لكن الطبيبة غير الموفقة في عملها فاتها أن عيادتها التي كانت أشبه بالدجاجة التي تفقس عن بيض من ذهب لم تعد قادرة على ستر عيوبها النفسية وبخلها الذي يظهر في كل شيء !!
في توفير ثمن القفازات على سبيل المثال علما أن عبوة من القفازات الجيدة الصنع والتي بها أكثر من مائة قفاز لا يتجاوز ثمنها عشرين درهما فقط !!
القطن الطبي الذي كان مرميا على سطح طاولة قديمة دون وجود كيس بلاستيك يحميه من التلف والغبار هو شاهد آخر على لا مبالاة هذه الطبيبة واستهتارها الكامل بأبسط قواعد السلامة الطبية !!
فالكثير منا ونحن لسنا أطباء نحترز من بقاء كيس قطن طبي دون إحكام فكيف بطبيبة يمر عليها المئات من المريضات اللواتي لا يعلم إلا الله ما يحملن من مرض ، وما يمكن أن يسببه الاستخفاف بقواعد السلامة والصحة من نتائج كارثية على المجتمع.
الأثاث القديم من ستارة بالية ومكتب قديم قد أكل الصدأ جزء من أقدامه ناهيك عن اللوحة المتسخة التي تحمل اسمها على مدخل العيادة شواهد كثيرة ودلائل وفيرة على أن هذه الطبيبة تحولت لدجالة بامتياز فان كان الدجل تحايلا على الناس وأخذا لأموالهم بالباطل دون تقديم منفعة حقيقية لهم ، فقد زادت هذه الطبيبة التي تجاوزت الخامسة والستين على الدجل بمعناه الواسع وأضافت عليه أنها بحد ذاتها أصبحت ناقلة للعدوى فهي بتوفيرها لثمن القفازات الطبية واستخدامها يدها دون غسل أصبحت ناقلة لأنواع هائلة من الميكروبات وكأنها طبيبة من القرون الوسطى حيث الماء والصابون من المحرمات !!
هكذا علقت ابنتي وهي تراني أرتجف غضبا من سلوك هذه الطبيبة غير الصحي !!
قالت:” كأنها تذكرنا بأطباع الناس ومنهم الأطباء في العصور الوسطى فكل أنواع التنظيف الطبيعي هي مسائل يرفضها الدين وتدخل في الموبقات” .
فإذا لم يكن ذلك دجلا فمها هو الدجل إذن؟!!
بالعودة لعيادة الطبيبة التي تخلت عن الرداء الطبي نجد أن المرافق البسيطة الملحقة بالعيادة هي في حالة كارثية من الوساخة وقلة التنظيف وقد نسيت هذه الدكتورة أن هناك مستشفيات لا تقل عنها نصبا في اخذ أموال الناس ولكن في المظاهر بالغوا في التحسين وطلب الكمال
وما اكثر المستشفيات الخاصة الباذخة في المظهر والمتطرفة في إيذاء الناس بأنواع من الممارسات غير المسؤولة التي يدفع ثمنها مع الأسف المرضى المغلوبين على أمرهم !!
هذه الطبيبة تصر على أنها من خيرة الطبيبات النسائيات ذات الخبرة الطويلة في مجالها وها هي تحصد بكفاءة شرفا جديدا بعد مروري بالتجربة الأخيرة معها ، فقد أيقظتني من جديد على واقعنا المؤلم والمزري في كثير من الأحيان في مجال العمل الطبي !!
وبعيدا عن مستشفيات الحكومة التي عليها الكثير من علامات الاستفهام تركت هذه التجربة أثرها السلبي لدي ولدى ابنتي وخرجنا نحن الاثنتين نحمد الله على الشعور بقيمة إظهار نعم الله متسائلات المرّة تلو المرة عن جدوى الأموال الطائلة التي تكسبها في مقابل الحالة المزرية لها ولعيادتها وللإمكانات التي تذكرني ببعض مستشفيات الهند الفقيرة طبقا لتجربة مرت بها إحدى الصديقات حين ذكرت أنهم في احد الأقاليم المسلمة ولشدة ضيق اليد فإن مستشفياتهم أقرب لأرضيات عليها ما يشبه السرير وبجانبه قربة ماء وحبل متدلي وأشياء بدائية على الغاية من البساطة والتواضع !!
لكننا هنا في الإمارات ولسنا في الهند والطبيبة تقبض بالدرهم وليس بالروبية الهندية !!فالفرق شاسع وبعيد . والنظافة من الإيمان وإظهار نعم الله من علامات الشكر وسلامة النفس . وكم يكرر العاقل منا على نفسه هذا القول: سحقا للمال إن لم يستخدم في الخير وفي عمل المعروف وسحقا للمبالغ الطائلة إذا تحولت لغاية بحد ذاتها وليست وسيلة من أجل حياة كريمة للمرء وللمجتمع من حوله!!
أي طبيبة هذه ، وأي زمن هذا الذي يسمح لدجالة أن تعالج الناس قرابة ثلاثين عاما فتنحدر في عملها إلى مستوى مخجل يسيء لها ولمهنة الطب ولدور الأطباء في المجتمع؟
بقيت نقطة علي ذكرها إذ بعد الانتهاء من مقالي هذا سأقوم بالإبلاغ عنها بإذن الله وأرجو أن أوفق في متابعة الشكوى حتى أصل إلى حل جذري ولدي اقتراحات سأقدمها للمسؤولين فسلامة المجتمع مسؤوليتنا جميعا والساكت عن الحق شيطان أخرس ولو أن كل واحد منا وقف أمام أي خطأ يقف عليه وتحرك للتعريف به واطلاع المسؤولين . وتعاونّا في تكوين ثقافة عامة حول ما يجب وما لا يجب أن يصدر من الأفعال والممارسات من الهيئات والمؤسسات الخدمية المختلفة فإننا لا شك سوف نقطع شوطا جيدا في طريق الأخذ على يد المقصرين والأنانيين وكل المتاجرين بصحة الناس وأمنهم وسلامتهم.
أضف تعليق